ظهور مفاجئ لمشروع “كابيتال كونترول” جديد؟ نحّاس: مشروع صندوق النقد… كنعان: أموال الناس ستذهب!

النهار | ٢٨ اذار ٢٠٢٢

بعد هزة قرار القاضية غادة عون القاضي بمنع 6 مصارف كبرى من اجراء تحاويل الى الخارج، والاتهامات المتكررة التي تطاول القطاع المصرفي، عاد الحديث فجأة عن ضرورة اعادة طرح مشروع قانون “كابيتال كونترول” بالسرعة القصوى بغية حماية ما تبقّى من سيولة في الاسواق اللبنانية وبناء مظلة قانونية تحمي ادارات المصارف وتنظم عمليات التحاويل و”السواب” التي تجريها مع المصارف المراسلة. وما انتشار خبر الدعوة الى جلسة نيابية غداً الثلثاء لدرس مشروع قانون “كابيتال كونترول” جديد إلا تلبية للرغبات الآنفة الذكر واستجابة “حسن نوايا” من اهل الحكم لشروط المؤسسات الدولية وفي مقدمها صندوق النقد.

وفي هذا الاطار انتشرت مسودة مشروع قانون “كابيتال كونترول” يتيمة المصدر كثرت التكهنات حيال مصدره أو مَن هي الكتل النيابية التي قد تتبناه، الى أن أصدر نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بيانا تبنّى فيه “أبوة” المشروع، إذ لمَّح الى انه جاء “حصيلة المشاورات واللقاءات مع صندوق النقد الدولي”، فيما حسم “مسقط رأس” المشروع النائب نقولا نحاس الذي قال صراحة لـ”النهار” إن “هذا المشروع هو مشروع صندوق النقد الذي يضع أسسا واضحة للصيرفة والتحاويل من والى الخارج، كما السحب النقدي”.

الانتقادات للمشروع العتيد لم تهدأ منذ تسريبه، لكنَّ نحاس طمأن الى أن الترجمة للنص الانكليزي “سيئة” ويُعمل على انجاز النص النهائي ليكون جاهزا لمناقشته في اللجان المشتركة اليوم.

وفي انتظار البلورة النهائية لنص الترجمة، كانت لافتة “تغريدة” رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان الذي اعتبر ان مسودة “الكابيتال كونترول” المتداولة على شبكة التواصل الاجتماعي “هبطت علينا كالعادة من خارج الاصول ولا تمتّ الى اقتراحنا بِصلة، ونرفضها كما نرفض اي صيغة لا تحمي حقوق المودعين وتعطي صلاحيات مطلقة للجنة تضم الحكومة ومصرف لبنان بدل تكريس هذه الحقوق في متن القانون”. وقال لـ”النهار” ان “هذا المشروع كما هو يجب ألّا يمرّ في اللجان، ولكن الاهم ألّا يمر في الجلسة التشريعية غداً الثلثاء”. وركز انتقاده على الصلاحيات التي أعطيت للجنة “فهي التي ستتحكم بكل القرارات القضائية والمالية والنقدية لمدة 5 سنوات قابلة للتمديد بقرار من مجلس الوزراء وليس بتعديل قانون… بمعنى آخر سيكون عمر هذه اللجنة مديداً، وتاليا فإن اموال الناس ستذهب أدراج الرياح”.

ولكن ماذا عن مشاريع القوانين التي قُدمت سابقا والتي أخذت حيزا كبيرا من المناقشة والتمحيص؟ وهل يعني تقديم هذا المشروع أننا عدنا الى المربع الاول؟

نحاس أوضح أن مسودات مشاريع قانون “الكابيتال كونترول” المقدمة من الحكومة، ولجنة الإدارة والعدل، ولجنة المال والموازنة، اضافة الى المشروع الجديد، مطروحة على اللجان المشتركة التي ستقرر بأي مشروع ستمضي. بيد أن كنعان أكد أن هذه المشاريع لم تعتمد في التفاوض مع صندوق النقد، بدليل أن المشروع الجديد لا علاقة له بها. وقال: “كان من المفترض ان يتم التفاوض مع صندوق النقد على مشاريع القوانين التي أعددناها بتأنٍ وليس على مشاريع مختلفة تماما والتي لا رابط لها بتاتا مع تلك التي أُعِدت”.

وفي انتظار مصير المشروع الجديد، يبدو أن “دسّه” على جدول أعمال اللجان المشتركة من دون أن يكون موقّعاً من أي نائب أو محوَّلاً من الحكومة، طرح أكثر من علامة استفهام. وهو ما يؤكده المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف المركزية المحامي الدكتور باسكال فؤاد ضاهر الذي يرى أن “هذا الاقتراح موجَّه فقط بغية الالتفاف على القرارات القضائية وإسباغ الحماية والمشروعية المفقودة على ما جرى، مع التأكيد انه لا يوجد قانونا ما يسمى “ودائع فريش وودائع قديمة”، اي لا توجد ودائع بنت ست وودائع بنت جارية. وكل ما عدا ذلك هو هرطقة قانونية، الا ان الامر الفاقع الآن والذي يعرّي السلطة المالية والنقدية، هو انها قد أتت اليوم لتؤكد مجددا انها ليست أهلاً للثقة وانها ترمي فقط الى هضم الحقوق، لا سيما انها بعدما أكدت للعالم أجمع عدم مسّها بالاموال التي اعتبرتها جديدة واعتمدت تاريخ ما بعد شهر تشرين من العام 2019، وأنها ستردّها كما هي للمودع، فيما هي تسعى مجددا الى ممارسة الـ ponzi بأبشع أشكاله وصوره، بدليل انها عدّلت التاريخ ليصبح بعد 9 نيسان 2020”.

كما أن اللافت في مضمون الاقتراح هو في التعاريف التي وردت في المادة الاولى، و”قد يكون اخطرها بند تعريف العملات الاجنبية، حيث جرى إدخال موضوع المعادن الثمينة في آخر الفقرة “جيم” منها باعتبارها عملات أجنبية، وهذا ما يشرع التساؤل عن مدى توجه السلطة الى المسّ باحتياط الذهب”.

وبالغوص بمواد الاقتراح، يتبين لضاهر انه “لا يهدف الى كابيتال كونترول بل الى تشريع المخالفات التي ارتُكبت، وايضا تشريع هضم الحسابات، ووجود عدم وضوح بكيفية إعادة او تسديد الـ 1000 دولار للفرد الواحد شهرياً، هل بعملة الحساب ام بالليرة اللبنانية، وعلى اي سعر صرف؟”.

اضافة الى ما سبق، وجود “لجنة غير محايدة تعود اليها الكلمة العليا، وهذه اللجنة مؤلفة من اشخاص تسببوا بالمشكلة، وهذا امر غير حميد، كما انها تُعتبر مثالا فاضحاً لخرق مبدأ منع تداخل السلطات بعضها ببعض… واكثر فإنها حرمت وكفّت يد القضاء عن ممارسة رقابته، وهذا يشكل ضربة الى كيان الدولة اللبنانية”، وفق ضاهر الذي يشير الى أن الاقتراح يسمح للجنة بان “تمارس الاستنسابية لإقرار عدد من الاستثناءات غير الواضحة وغير الشفافة لإمكان تسديد الحساب بعملته في ظاهرة تُعتبر غير سليمة على الإطلاق”.

ولا بد من الاشارة هنا، الى ان صندوق النقد طرح “الكابيتال كونترول” ضمن سلة متكاملة من الإجراءات تتضمن عددا من الإصلاحات، منها توحيد سعر الصرف ووقف هدر الكهرباء والصناديق بأشكالها ومسمياتها، اضافة الى عدد من النواحي الاخرى، وتاليا يعتبر ضاهر ان “استنساب السلطة اقرار قانون يشرع مخالفتها ضمن مسمى “كابيتال كونترول” وإهمال تحقيق السلة التي طرحها صندوق النقد، يؤكد فقط انها قدمت هذا الاقتراح بهدف حماية أفرادها من القرارات القضائية، وهذا يشكل ايضا اساءة في استعمال السلطة، ويرتب مسؤولية على هذه السلطة بالتعويض عن الاضرار التي تلحق بالمودع من جراء اقرار قوانين كهذه، مع التأكيد أن لا قيام لدولة من دون قضاء فاعل ومستقل، واي محاولة لإخماد صوت العدل كما يحصل في هذا الاقتراح سينتج اثرا سلبيا وسيعيد البلاد الى حقبة الحكم المطلق حيث كان الملك فيها يملك الشعب والارض ويحكمهما”.

زيادة التضخم حتماً!
الملاحظات التي أوردها ضاهر كررها الخبير الاقتصادي باتريك مارديني الذي اضاف اليها ملاحظات أخرى تتعلق بالتضخم الذي يمكن ان يحدثه الاقتراح الجديد. وبرأي مارديني أن هذا المشروع هو “أسوأ مشروع قانون كابيتال كونترول من بين المشاريع التي قُدمت منذ بدء الأزمة، كونه ضيّع اهداف قوانين الكابيتال كونترول التي يجب أن تُحصر بتوزيع الخسائر في ما يتعلق بالودائع القديمة بالدولار، في حين أن المشروع الجديد يعمل على وضع حد للتحاويل على الليرة اللبنانية، وهذا أمر كارثي على الاقتصاد اللبناني”. وإذ لفت الى أن “عدم القدرة على التحويل من الليرة الى الدولار، سيفتح المجال أمام الحكومة اللبنانية لصرف الاموال من دون حسيب أو رقيب ومن دون أي اصلاحات”، أوضح أن “هذا القانون سيؤدي الى زيادة نِسب التضخم، إذ من الواضح أنه سيجيز للمصرف المركزي أن يطبع الليرة بشكل لا متنهاهٍ من اجل تمويل نفقات حكومية لا متناهية، بدل اجراء الاصلاحات”. ومنع تحويل الليرات الى دولارات، معناه وفق ما يقول مارديني “ان البلاد ستواجه مشكلتين من جراء هذا القانون، أولاهما التضخم، وتاليا انهيار سعر صرف الليرة التي ستواجه بدورها معضلة خسارة من نوع آخر، إذ ستخسر الليرة المصرفية قيمتها أمام الليرة الكاش، بما يعني أن الذي يملك ليرة كاش يمكنه تحويلها الى دولار في السوق السوداء، في حين أن حامل الليرة المصرفية سيعمد الى صرف الشيكات عند الصراف بما يعني خسارة كبيرة له”.

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع النهار 

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع نبض

اضغط هنا لقراءة المقال على موقع وكالة اخبار اليوم

Tags: BELIEF, Capital Control, imf, Inflation, reform, اصلاح, التضخم, الكابيتال كونترول, صندوق النقد الدولي,